تخيل عزيزي القارئ أن يرزقك الله بطفل في بلد ذا ثروات ، يكبر وتكبر آمالك معه في أن يصبح ذا شأن يوما ما
وتبذل الغالي والنفيس مما تتيحه لك ظروفك كي يحصل على تعليم يوصله إلى بداية درب ينتشلك من براثن أيام وليال طوال قاسية وتقر عينك به…
يقرر هذا الطفل الذي أصبح شابا في مساء مشؤوم أن يدرس تخصص الطب لا لشيء سوى إقتناعه التام بحاجة ذلك الوطن لأطباء يلممون جراحه…
وإيمانا منه أن نظرة مريض تَداوى على يده قد تنسيه كل ذلك الهم والسنوات العجاف وأن موسم قطاف سنابل خضر قد حان
فترمي به صروف الدهر إلى مسابقة نُظمت من وزارات ثلاث وزارة الصحة/ Ministère de la santé ووزارة التعليم العالي ووزارة الوظيفة العمومية بناءا على إحتياج ذات البلد لأمثاله ثم بعد تخرجه ترميه على قارعة الطريق بلا أي مسمى وظيفي وبدون أي حقوق تذكر!!
تخيل أن ابنك هذا رفض الظلم وطالب بأساليب سلمية حقوقا بسيطة سهلة التحقيق فتبادلته أروقة وزارة وعدت ولم تفي ..
أروقة موحشة مليئة بالباعوض الذي يمتص دمائه كما تمتصه المستشفيات يوميا ، وعلى بلاط بارد كالجليد كبرودة قلوب وكلت يوما على مسؤولية مواطن فخانت تلك المسؤولية دون أن يرمش لها جفن..!!
تخيل نظرة ذلك الأب أو الأم وهو يرى فلذة كبده الذي كان يرسم في خياله مستقبلا منذ صغره لا شك بسيناريو مغاير تماما…
عذرا لأنفسنا
عذرا لكل أب وأم
وعذرا للوطن
ولا نامت أعين الجبناء
المكان : وزارة الصحة
الزمان : ما قبل تحقيق المطالب
والآن اليوم الثالث من الاعتصام داخل مباني وزارة الصحه مع تجاهل تام لقضية النخبة الشبابية من الاطباء المقيمين على الرغم من المضايقات التي تحل بهم في الليل من قلة حمامات وإغلاغ جميع الابواب و الناموس لكن ذالك لم يزدهم إلا اصرارا و صمودا حتى تحقيق مطالبهم ان شاء الله .
أجود محمد الأمين طبيب مقيم في جراحة العظام والمفاصل والحروق البليغة